تعال نعيش رحلة ثلاثية في حياة هذا النبي العظيم الذي لم يقم نبي في إسرائيل مثله...
أولا: عاش موسي ضمن ثلاثة أخوة
بدأت أسرته عندما ذهب رجل من بيت لاوي اسمه عمرام بن قهات وأخذ قريبة له بنت لاوي اسمها يوكابد وتزوجها (خر6:20) وأنجبا ثلاثة أبناء, هم:
1- مريم: هي الأخت الكبري وهي التي كانت تحرس السفط الذي وضعته فيه أمه بين الحلفاء علي حافة نهر النيل (خر2:4) وهي التي ترنمت ورقصت بعد نجاح عبور الشعب اليهودي وخروجهم من أرض مصر (خر15).
2- هارون: هو الأخ الوسط ويبدو أنه كان أكبر من موسي بثلاث سنوات (خر7:7), وقد أقيم لخدمة الكهنوت مع أبنائه بعدما تسلم موسي تفاصيل خيمة الاجتماع, التي هي أول موضع للعبادة الجماعية ويشرح سفر اللاويين كل ما يتعلق بالكهنوت من حيث طبيعة الخدمة ووصف الثياب والذبائح والطقوس وغيرها..
3- موسي: هو الابن الأصغر حيث ولد بعدما أمر فرعون بقتل أولاد العبرانيين ولكن بتدبير الله صارت ابنة فرعون نفسه راعية للطفل العبراني دون أن تعلم, وتربي وعاش في قصر فرعون وصار فيما بعد أعظم أنبياء بني إسرائيل ومؤسس اليهودية.
ثانيا: تنقسم حياة موسي إلي ثلاث مراحل متساوية
عاش موسي النبي 120 سنة تنقسم إلي ثلاث فترات زمنية متساوية كل منها أربعين عاما:
1- الأربعون الأولي: حيث ولد وتربي علي أرض مصر (خر2:2) وقد تعلم وتهذب بكل حكمة المصريين وصار مقتدرا في الأقوال والأعمال (أع 7:22) وتنتهي هذه الفترة بحادثة قتله للمصري الذي ضرب رجلا عبرانيا (خر2:11-12), ثم هروبه في اليوم التالي إلي أرض مديان من وجه فرعون الذي يسمع بهذه الواقعة وطلب أن يقتله (خر2:15).
2- الأربعون الثانية: حيث عاش غريبا وهاربا في أرض مديان وهناك تدخل في مشكلة بسبب شهامته حيث دافع عن سبع بنات كن يسقين عند البئر, ضد من كان يمنعهن من ذلك.. ولم يكن والد هؤلاء البنات سوي رعوئيل الذي صار فيما بعد حماه بعد أن تزوج موسي من صفورة ابنته (خر2:16-21). وغالبا لم يكن موسي سعيدا في أرض الغربة ولذا سمي ابنه البكر جرشوم وهي تعني: كنت نزيلا في أرض غريبة (خر2:22) وانتهت هذه الفترة بموت فرعون ملك مصر (خر2:23) مما فتح الباب أمام عودته إلي مصر.
3- الأربعون الثالثة: علي جبل الله حوريب في أرض سيناء تلقي موسي دعوة مباشرة من الله من خلال العليقة المشتعلة دون احتراق وفيها يأمره الله بمهمة خروج بني إسرائيل من مصر أرض العبودية (خر3:10) وفي هذه الفترة عاش صراعا مريرا مع فرعون مصر وانتهي بعبورهم المعجزي للبحر الأحمر.. ثم صراعا آخر مع شعبه المتذمر جدا والذي استمر إلي يوم وفاته دون دخوله أرض الموعد كنعان.
ثالثا: نال موسي آيات من الله في بداية خدمته
عندما دعاه الله لكي يدخل مع شيوخ بني إسرائيل إلي فرعون مصر ويطلبوا منه أن يدعهم يمضون سفر ثلاثة أيام في البرية لكي يعبدوا ويذبحوا للرب إله آبائهم وكان هذا المطلب متواضعا ولكنه رفض من جانب فرعون (خر3:20) وعندما تحجج موسي بأن بني إسرائيل لن يصدقوه زوده الله بثلاث عجائب:
1- عصا تتحول إلي حية: وقد أرهبت الحية موسي فهرب منها إلا أنه أطاع عندما أمره الرب أن يمسك ذنبها فتعود الحية المخيفة عصا في يده.
2- يده تصبح برصاء: والبرص مرض مخيف ولابد أن منظر اليد البرصاء قد ملأ موسي خوفا وهلعا ولكنه بأمر الرب أدخلها إلي عبه ثم أخرجها
فعادت صحيحة معافية.
3- الماء يتحول إلي دم: وهذا أيضا شيئ مقزز للغاية تعافه النفس ولا تستطيع أن تشربه أو حتي تقترب منه.
رابعا: قاد موسي ثلاثة أحداث كبري في تاريخ اليهود
1- الخروج: بعد مواجهات عاصفة بين موسي وفرعون مصر وخلال الضربات العشر كانت الضربة الأخيرة وهي موت أبكار سببا في أن يطلق فرعون سراح بني إسرائيل لكي يبدأوا الارتحال من مصر تحت قيادة موسي وبقوة إيمانية يعبروا البحر وسط المياة بصورة إعجازية جعلت الشعب يخاف الرب ويؤمنوا به وبعبده موسي (خر14:31).
2- الشريعة: هناك علي رأس جبل سيناء تسلم موسي الوصايا العشر من الرب علي لوحي حجر مكتوبين بأصبع الله, يتضمن الأول أربع وصايا تخص علاقة الإنسان مع الله بينما يتضمن الثاني ست وصايا تحفظ علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان في طهارة ونقاوة وسلامة.
3- الخيمة أي خيمة الاجتماع حيث أعطاه الرب تفاصيل بناء خيمة الشهادة وكل آنيتها وطقوسها وثياب الكهنة والذبائح المقدمة وقد أكمل موسي هذا العمل تماما كما أمره الرب (خر40) لتصير الخيمة أول موضع منظم للعبادة الجماعية المستمرة.
خامسا: ترنيمة موسي النبي ثلاثة مواضع
هي الترنيمة التي ترنم بها موسي وبنو إسرائيل بعد عبورهم البحر الأحمر وغرق جيش فرعون ومركباته في وسط البحر (خر15:1-18) ونجدها في:
1- سفر الخروج: في الأصحاح الخامس عشر وهي ترنيمة ذات عبارات شعرية رائعة تصف الخلاص العظيم الذي صنعه الرب لهم وكيف أنقذهم حيث صار الشعب في فرح لا يوصف.
2- الهوس الأول: في كتاب التسبحة اليومية نعيش هذه المعاني علي مستواها الروحي والرمزي من خلال أرباع الهوس الأول المأخوذة من (خر15) وهكذا ظلت الترنيمة محفوظة في ذاكرة الكنيسة ترددها يوميا كفرحة انتصار وإيمان وشكر للرب.
3- سفر الرؤيا: تعتبر هذه الترنيمة نموذجا لما سينشده الغالبون في نهاية الزمان أمام الرب تعبيرا عن نصرتهم التي ستكون أعظم بما لا يقاس عبر حياتهم الزمنية ووصولهم إلي شاطئ الأبدية السعيدة (رؤ15:2-4).
سادسا: يحمل موسي ثلاثة ألقاب
1- النبي: أمام العليقة المشتعلة في برية سيناء دعاه الله ليكون له ولم يقم نبي في إسرائيل مثله حيث عرفه الرب وجها لوجه وشدده بالآيات والعجائب المبهرة (تث34:10-12).
2- القائد: هو قائد واقعة الخروج التي هي أشهد حوادث التاريخ اليهودي وتعتبر محورها, وقد أظهر براعة ومهارة في قيادة الشعب المتذمر متسلحا بقوة الإيمان الجبار.
3- المشرع: هو الذي استلم لوحي الشريعة- الوصايا العشر- من يد الرب علي لوحي حجر, وهذه الوصايا تعتبر حجر الزاوية في السلوك الروحي وعلاقات الإنسان مع الله ومع الآخرين أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق